بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾
(آل عمران: 185)
هذه الآية الكريمة تذكّرنا بأن الموت حقٌ محتوم، وأن كل إنسان، بل كل كائن حي، سيذوقه في يوم ما. حبيبتي زوجتي الغالية ميامي ام اولادي (رند واحمد وحنان) ، لقد رحلتِ عن هذه الدنيا، ونحن لا محالة لاحقون بك. لكنني، خلال حياتك، رأيت فيكِ كل ما يعبر عن إيمانك العميق بالله عز وجل، والذي كان يتجلى في قلبك الطيب الرحيم. كنتِ دائماً إلى جانب الأيتام والفقراء والمحتاجين، بالإضافة إلى إخلاصك في عملك الإنساني كطبيبة، حيث تشافى على يديك الكثير من المرضى. لقد تركتِ أثراً طيباً في نفوس الناس، وأفجعهم خبر وفاتك، بدءاً من أهلك وأحبائك، إلى زملائك وطلابك، الذين يشعرون بالحزن لغيابك الذي لن يُعوَّض، والأجيال التي تعلمت على يديك، سواء في الدراسة الأولية أو الدراسات العليا.
ومن هنا، يا حبيبتي الغالية ميامي، شعرتُ بضرورة توثيق أعمالك العلمية وتجربتك الحياتية، ونشرها عبر الإنترنت لتكون صدقة جارية، ينتفع بها الناس، وتصبح نموذجاً يُحتذى به. فأنت خير قدوة.
إن توثيق أعمالك العلمية وأبحاثك في مجال طب الأطفال ونشرها ليكون صدقة جارية، ما هو إلا امتداد لإرثك النبيل الذي زرعتيه بين الناس. آمل أن ينتفع بعلمك كل من يسعى إليه، وأن تستمر بركاتك ونورك في إضاءة درب طلابك وكل من يهتدي بعلمك وإخلاصك.
أعلم يا حبيبتي الغالية أن رحيلك لم يكن مجرد فقدان لشريكة حياتي وأم أولادي، بل هو غيابٌ لإنسانة راقيه لم تعرف يوماً إلا العطاء والمحبة. كنتِ مثالاً يُحتذى به في الطيبة، إذ احتضنتِ قلوباً كثيرة، وكنتِ مصدر راحة لكل من لجأ إليك. لا أنسى وقوفك إلى جانب طلابك، وكيف كنتِ تقدمين لهم العلم بنقاء قلب لا يطلب شيئاً سوى رضا الله وخير الناس.
يا حبيبتي، صحيح أنك رحلتِ إلى جوار ربك، وأن جسدك الطاهر قد وُضع تحت التراب، لكن روحك ما زالت معي في كل مكان. لم تغادري قلبي لحظة، ولا يمكن لذاكرتي أن تمحو شيئاً من ذكرياتك المحفورة بعمق في وجداني. كنتِ رفيقة حياتي، وصورتك أمامي تجسد تلك الزوجة المخلصة والوفية، والأم الحنون المثالية، التي أدت الأمانة بتفانٍ، ونجحت في تربية أبنائنا تربية رفيعة، وقد تركتِ لنا أبناءً هم خير خلف لخير سلف. يا حبيبتي، أرى انعكاس روحك الجميلة في أبنائنا، الذين يتذكرون دروسك في الحياة وقيمك الأصيلة، وسيكملون مسيرتك بما يغني المجتمع ويشرفك. إن وعدهم لك بأن يبقوا أوفياء لذكراك وأن يسيروا على نهجك، هو العزاء الذي يخفف عني وطأة غيابك، ويطمئنني أنكِ حية في قلوبنا، حاضرة بروحك وبذور الخير التي زرعتها في كل مكان. حبيبتي، ميامي حبك وحنانك وعطفك ورعايتك الدائمة سيبقى راسخاً في قلوب أبنائنا وأحفادنا إلى الأبد.
اللهم ارحم زوجتي وحبيبة عمري الدكتورة ميامي كاظم. اللهم اغفر لها، وعافها، واعفُ عنها. اللهم ألطف بها، وأفض عليها من واسع مغفرتك ورحمتك وكرمك. والحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه، وليس لنا إلا الصبر والإيمان بقضاء الله وقدره. لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بمقدار. رحمكِ الله، وأسكنكِ فسيح جناته، وأدعو الله أن يجمعنا بكِ في مستقر رحمته.